يقول ابن الخطيب في مقدِّمتِه عن لغة أهل غرناطة :
“أهل غَرناطة كانت فصيحةً ألسنتهم، عربية لغاتهم يتخللها عرف كثير وتغلب عليها الإمالة؛ فإلى جانب اللغة العربية الفصحى، التى كانت تستعمل في تحرير المراسلات الرسمية والظهائر السلطانية، وفي قرض الشعر وصياغة النثر، وجدت في الأندلس لهجة عربية مصبوغة بكلمات رومانسية تظهر في الزجل والرسائل العادية والعقود المحررة، وقد دخلت هذه الكلمات والترقيق والتفخيم إلى اللهجة المغربية الأندلسية لمجاورة هذه البلاد للفرنج.
وأدرك ذلك ابن خلدون فقال في “إنها أبعد عن اللسان الأول من لغة هذا الجيل فلأنَّ البعد عن اللسان العربي انما هو بمخالطة العجمة فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلك اللسان الأصلي أبعد”.ً
كما يصف ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﻴﺐ أهل غرناطة :
”ﺑﻮﺳﺎﻣﺔ ﺍﻟﻮﺟوه ،وحسن الصورة، ﻭﺍﻋﺘﺪﺍﻝ ﺍﻟﻘﺪﻭﺩ, ﻭﺳﻮﺍﺩ ﺍﻟﺸﻌﺮ, ﻭﻧﻀﺮﺓ ﺍﻟﻠﻮﻥ, ﻭﺃﻧﺎﻗﺔ ﺍﻟﻤﻠﺒﺲ, ﻭﺣﺴﻦﺍﻟﻄﺎﻋﺔ والإباء, ونبل الكلام وﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ يعربية فصيحة تغلب عليها الإمالة”
وﻳﺼﻒ ﻧﺴﺎﺀﻫﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮﺷﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮ ﻭﺑﻨﺒﻞ الخلال، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻨﻌﻲ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻨﻦ ﺑﺎﻟﺰﻳﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﺒﻬﺮﺝ ﻓﻲﻋﺼره فيقول:
“وقد بلغن في التفنن في الزينة شأوا بعيدا، يسرفن فى الأصباغ والعطور، والتزين بنفيس الحلى”.
وكان اللباس الغالب بين الأندلسيين شتاء الملف (نسيج من الصوف) المصبوغ على اختلاف أصنافه وألوانه؛ ويرتدون فى الصيف، الكتان والحرير والقطن والأردية الإفريقية، والمقاطع التونسية، والمآزر المشقوقة “فتبصرهم فى المساجد أيام الجمع، كأنهم الأزهار المفتحة، في البطاح الكريمة، تحت الأهوية المعتدلة” .
إقرأ أيضا:الرّوينة (الفوضى)ثم يواصل ابن الخطيب التحدث عن الشعب الغرناطي فيقول :
“كان الشعب اﻟﻐﺮﻧﺎﻃﻲ، ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ, ﻳﺪﻳﻦ ﺑﻤﺬﻫﺐ “ﻣﺎﻟﻚ, ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ الأمة الأندلسية ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ، ﺃﻋﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺼﺮ ﻫﺸﺎﻡ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ. ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ ﻓﻲ ﻧﺰﻋﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺬﻫﺒﻴﺔ ولا ﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻫﺎ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ، مما ﺗﻮﺍﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﺍﺑﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺣﺪﻳﻦ ﺣﻴﻨﺎ ﻣﻦﺍﻟﺪﻫﺮ.”
إقرأ أيضا:الدارجة المغربية : الدَّبَّانْ-المصدر:
_كتاب اللمحة البدرية صفحة(27).
_مقدمة ابن خلدون صفحة(558)