الإتحاديات القبلية الأوفر في الجنوب الشرقي المغربي، بداياتها/أصلها، أهم مراحل تطورها، وصولا لاخر صدام مع المُحتل الفرنسي ثم دخولها في الدولة المغربية الحديثة.
يُشار إلى ان التركيبة الإثنية للمنطقة بشكل أساس:
-عرب/معاقلة بالأساس
-بربر (امازيغ) / صناهجة بالأساس
-حراطين / حراتين
إتحاد قبائل الروحة
(وقد تُكتب الروحا) : تفرع عن قبائل بني حسين المعقلية العربية وكانت تُسيطر على جنوب شرق البلاد(ومناطق دخلت النفوذ الجزائري لاحقا) لثلالة قرون بين القرن 13 و16
بدأ خفوت نجم بني حسين وتفرقهم لما انضموا للدولة السعدية وشكلوا أحد أسس جيشها وارتحل كثير منهم معه لشمال البلاد ووسطها.
إتحادية أيت عطى
أسسها دادا عطى(شريف ادريسي) بعدما توافقت عليه قبائل صنهاجية في منطقة طاطا قبل ثم انتقل مركز ثقلهم في وقت لاحق لمناطق داخل الأطس، وبالضبط في صاغرو بعد انضمام قبائل أطلسية عديدة لهم جلها من البربر مثل ايت أونير، وبعض القبائل العربية المجاورة مثل ايت بويكنيفن وايت علوان.
إقرأ أيضا:تاريخ و أصول سكان بني ملالأولاد يحيى
هم القسم الثاني الأبرز من تفرعات قبائل بني حسين المعقلية، دخلوا في صراع كبير على النفوذ مع بني عمومتهم الروحة في مناطق تماسهم، بالأخص في واحة تينزولين ونواحيها.
وتحالفوا في وقت لاحق مع كلاوة، بينما تحفالت قبائل موازية من الروحة مع بعض قبائل ايت عطى لموازنة القوة.
أهم التحولات التي طرأت على المنطقة قدوم بني حسين لها في اواخر الهجرات العربية التي عُرفت باسم أشهر قبائلها “تغريبة بنو هلال” (والذين استقروا لاحقا في غرب المغرب)،
ثم التحول الذي حدث بعد أفول الدولة السعدية حيث أصبح تكثل المعاقلة أقل وانقسموا.
ثم بدأ تشكل اتحادية ايت عطى
وفي نفس هذه الفترة جرى الصراع الشهير بين السملايين والعلويين وكل منهم كان يحاول استمالة قبائلها الأساسية،
إنتهت بالنصر في النهاية لمحمد بن علي الشريف والذي زحف إلى معقل السملاليين وأنهى ايليغ التي أسسها حسون السملالي في تارودانت ثم أخضع سوس بأكمله.
في فترة السيبة عرفت المنطقة الفتنة حيث كثر قطاع الطرق وترامي القبائل على قصور بعضها.. خصصوصا التي كانت على حياد مثل زاوية القاضي وكان جل ساكنتها من الحراتين وقصتها الشهيرة مع لما كسرتها بعض قبائل ايت عطى وخرقت بعض الأعراف المرتبطة بالحرب في المنطقة(بعض سكان الجنوب لحد الان يرفضون اقتناء تمور زاوية القاضي بسبب ذلك)
إقرأ أيضا:قبيلة زعير العربيةعمد نظام المخزن في السلطنة الشريفة (اسم الدولة العلوية انذاك) إلى محاولة اخضاع المنطقة وضبطها عبر إرسال “حركات” يتزعمها بعض قواده/قُياده، أبرزهم المدني الكلاوي الذي حاول ضبط المنطقة عبر تقديم من يعطي الولاء من زعماء القبائل المحلية مثل القايد العربي زعيم ولاد يحيى والذي حول الأمر بعدما أُطلقت يده في يالمنطقة إلى ما يشبه تصفية حسابات مع اعداءه القدامى،
وهذا تسبب في صراعات ومشاكل حتى بعد وصول الاحتلال الفرنسي والذي واجه صعوبة كبيرة في اخضاع المنطقة التي كانت جل قبائلها في صراع مع القواد التابعين للكلاوي (خصوصا التهامي بعدما خلف المدني)
ومن أبرز الحركات التي واجهته نجد حركة مقاومة قادها عسو باسلام من بعض مناطق ايت عطى بالأطلس، وحركة الشريف النكادي بدرعة والذي بايعته عدد من قبائلها كسلطان للجهاد، وكانت حركته هي اخر من ألقى السلاح بالمغرب سنة 1354 للهجرة (1935م).
عموما نجد أن الروحة وولاد يحيى أغلبهم عرب بينما ايت عطى أغلبهم بربر، وبين جميع هذه الاتحاديات يتوزع المكون الإثني الثالث المسمى بالحراطين مع مكونات اخرى ثانوية مثل العبيد.
بالنسبة لتسمية الحراطين هناك تأصيلين أساسيين:
-الأول أن الحرتاني تعني الحر الثاني، أي أنهم لم يكونو أحرارا من قبل ثم تم تحريرهم لاحقا.. فجمع الحرتاني هو الحراتين/الحراطين
إقرأ أيضا:المغرب العربي-التأصيل الثاني انهم من الحراثين، أي من يشتغلون أساسا في الحرث بالمنطقة عند ملاك الأراضي الكبرى.
لا يمكن ترجيح أي منهما لان لكل من التعريفات أدلة.. لكن يمكن القول أن كليهما يصب في نفس المعنى، حيث كانت جل هذه الفئة تشتغل “خماسة” في الأراضي الفلاحية (بالأخص في المناطق العربية) ولكن لم يكونوا عبيد بل يشتغلون لقاء ما يحتاجون لهم ولعوائلهم من اكل وشرب ونسبة محددة من المحاصيل.
فوضعيتهم في تلك الفترة لا يمكن القول عنها “حر” بالمعنى المتعارف عليه انذاك، لكن يصعب القول انهم كانوا عبيد، خصوصا ان فئات العبيدة معروفة في تلك الفترة أيضا، وفي نفس الوقت جل شغلهم في الزراعة والحرث.
بعد دخول هذه القبائل في الدولة المغربية الحديثة (بعد الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي) واندماجها فيها بدأت العصبيات الإثنية والقبلية تقل شيئا فشيئا، إلى أن وصلت أدناها في العقود الأربعة الأخيرة، خصوصا بعدما اقتسمت بعض القبائل أراضيها السلالية التابعة لها، بتنظيم وإشراف من أجهزة الدولة، حيث نجد عوائل بعض القبائل اشترت أراضي من الاخرى وانتقل بعضهم للسكن معهم دون إشكالات تُذكر.
من المصارد المكتوبة للإطلاع أكثر:
كتاب الرحلة الدرعية الكبرى للمهدي بن علي الصالحي
كتاب التاريخ الإجتماعي لدرعة لمؤلفه احمد البوزيدي