التعليم

كيف كان تعليم العلماء من بناة أعظم حضارة بشرية معروفة ومؤسسوا العلوم الحديثة؟

كيف كان تعليم العلماء من بناة أعظم حضارة بشرية معروفة ومؤسسوا العلوم الحديثة؟

أتعلمون كيف كان أجدادكم من العلماء، بناة أعظم حضارة بشرية معروفة، والذين تأسست العلوم الحديثة على أكتافهم وعلومهم؟
أغلب المسلمين لا يعرفون شيئا عن أجدادهم من العلماء وكيف كان طلبهم للعلم.. للأسف جل المناهج التعليمية، خاصة في بلداننا العربية، تتعمد تدريسهم عن علماء نهضة أوروبا (والتي كانت نهضة على إرثنا وكتبنا وابتكارات علمائنا).. فيكاد المرء يظن أن أوروبا هي أصل تلك العلوم أو كأن نحو 10قرون من البذل العربي والإسلامي في جميع العلوم الحية لم يقدم شيئا، او كأن العالم كان يعيش مع أوروبا في عصورها المظلمة ولم يكن عالمنا مستنيرا متحضرا عكسها.. وهذا نوع من التزوير الحاصل في التاريخ وغسيل الأدمغة الذي يولد لنا الكثير من العاهات التي يُسمى بعضها زورا “مثقفون” فتنفث هذه الفئة الأخيرة ما ابتلعته من سموم فكرية في مجتمعها عبر وسائل الإعلام التي تحتكرها وأنظمة التعليم المنحدرة، لتنتج غيرها.. وتستمر مجتمعاتنا تدورة في تلك الدائرة المفرغة !!!
الكلام كثير في هذا الموضوع، وسأحاول التطرق له مستقبلا، لكن إليكم لمحة سريعة:
كان الرجل لا يحصل على “طالب علم” إلا لما ينهي حفظ كتاب الله عز وجل (قراءته عن ظهر قلب).. ولو كان ما كان في أي فن من الفنون أو علم من العلوم.
لذلك تجد أبرز علماء المسلمين في العلوم الحديثة (بعضها من تأسيسهم “حرفيا”) مثل الخوارزمي وابن الهيثم والجزري وغيرهم فقهاء حاملين لكتاب الله رغم أن ما اشتهروا به هو ابتكاراتهم (مثل تأسيس محمد بن موسى الخوارزمي لعلم الجبر أو تأسيس بن الهيثم لعلم البصريات والفيزياء الحديثة).
فكان حفظهم للقران الكريم، والذي يليه مباشرة دراسة لسانه المبين (العربية) هو المفتاح للتبحر في أي علم أو فن حسب رغبة الطالب (المتخرج حديثا.. كانت القراءة، أي قراءة القران عن ظهر قلب، هي بمثابة شهادة الباكالوريا آنذاك، بل إن اسم هذه الأخيرة مصدرها هو كلمة “قراءة”).
بل حتى العلماء الذين اظهروا بعض الضلالات الفكرية مثل بن سينا كانوا يحفظون كتاب الله عز وجل وبعضهم له في علوم أخرى كاللغة وبعض فروع الفقه (وبالمناسبة قد تراجع بن سينا عن ضلالاته، خصوصا مسالة أزلية المادة/الوجود.. ولكنك لن تسمع تلحوديا زنديقا -يتبرأ منه الإلحاد نفسه من شدة نفاقه وجهله- يخبرك بهذا، بل سيخبرك بالجزء الأول فقط لكي يستدل به زورا على أن المسلمين حاربوا علمائهم !! وكأن من تم رميه بالزندقة ليس لضلالاته الفكرية والفلسفية ولكن لفنه العلمي الذي اختص به !! وهذا لا يقول به عاقل أو أبسط مطلع على التاريخ).
لذلك فمُنطلق هؤلاء العلماء كان كتاب الله عز وجل، بطريقة أو أخرى، وقد أكسبهم هذا الكثير وجمع عندهم مما تفرق عند غيرهم، أبرزه ذلك المعجم الهائل من الكلمات والمفاهيم الفصيحة باللسان المبين القادر على وصف كل ما يحتاجه طالب العلم أو الباحث أو العالم مهما كان مجال بحثه دقيقا أو معقدا، فيتم بذلك كسر الحاجز اللغوي كليا وبلا رجعة، فيركز المرء على التحصيل العلمي أكثر، دون الحديث عن القيم الأخلاقية السامية والمبادئ الراقية والمرجعية الربانية الثابتة التي لا تتغير بتغير الأزمان ولا تخضع للأهواء، وأبرز نتائجها التزام عموم العلماء المسلمين بالأمانة العلمية وانضباطا أخلاقيا وإعمالا للضمير في علومهم وبحوثهم وما امتهنوه منها من حِرف (الطب مثال) وذلك بمستوى لم تعرفه أمة قديما أو حديثا.

إقرأ أيضا:لا لفرنسة التعليم في المغرب: صراع إنجليزي/أمريكي – فرنسي للهيمنة على التعليم في المغرب

أود أن أخبركم عن أجدادنا أكثر.. لكن لا أريد الإطالة عليكم في مقال كنتُ أريده فضفضة سريعة.. كما أن وقت السحور اقترب، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.
ولا تنسوا.. لازلنا مستمرون بحول الله في حملة #لا_للفرنسة 💪

السابق
الشيخ الدكتور سعيد الكملي من قطر: ندوة “تأثير الحضارة الإسلامية على الغرب”
التالي
الطبيب المسلم ابن زهر الاشبيلي

اترك تعليقاً