فيلسوف تركي مسلم مفكر عظيم وشاعر ورجل الدولة وأحد رجال القرن الخامس الهجرى البارزين.
اكتسب شهرته من مؤلفه المعروف في علم الإجتماع بإسم «قوتادغوبيليك» أى علم السعادة. كتاب «قوتادغوبيليك» تعتبر من خزائن الحكم العقلية الفذة. ولد يوسف خاص حاجب في مدينة بلاساغون إحدى عاصمة الدولة القاراخانية في عام 410هـ لأسرة عريقة، وتوفى في سنة 476ه في كاشغر.
ألف يوسف خاص حاجب كتباً عدة باللغة الأويغورية، أهمها وأشهرها كتابه «قوتادغوبيليك» للترشيد في السياسة الشرعية وإدارة الحكم وفقا للشريعة الإسلامية. ذكر المؤلف في كتابه العوامل التي تؤدي إلى قيام الدول والعوامل التي تؤدي إلى انهيارها. ولهذا السبب وصفه المفكرون الباحثون بأنه ابن خلدون الشرق. وواقع الأمر أن ابن خلدون قد جاء بعده بقرنين من الزمان، ولهذا فهو أسبق من ابن خلدون في الفكر الاجتماعي. يعتبر كتاب «قوتادغوبيليك» أول كتاب اجتماعي موسوعي باللغة الأويغورية التركية في ظل الإسلام، وأنه نموذج فريد من نوعه حتى الآن بين الشعوب التركية، كذلك هو أول نص أدبي إسلامي تركي على الإطلاق. وهذا الكتاب نموذج الأدب الشعري والتفكر العقلي في تاريخ الحضارة الأويغورية. يشكل «قوتادغوبيليك» تراثاً هاماً في الأدب الإسلامي فهو كتاب علمي تربوي أخلاقي وسياسي، لأنه يتحدث عن تشكيلات الدولة القاراخانية ويوضح مستواها الاجتماعي والثقافي وعن تشكيلات الدولة التركية القديمة قبل الإسلام. وكتاب «قوتادغوبيليك» مكتوب باللغة الأويغورية في حروفها العربية ومقسم إلى 85 بابا، و6645 بيتا من الشعر. موضوع الكتاب السياسية الشرعية (الحاكمية) وإدارة الحكم بالقانون والعلم والعقل والأخلاق. كذلك عرض المؤلف أفكاره الإصلاحية الاجتماعية التي تؤدي لازدهار المجتمع وتحذر من العوامل السيئة. وحينما انتهى العلامة من تأليف قوتادغوبيليك سنة 461ه وقد أتم معاصره العلامة اللغوي محمود الكاشغري من تأليف كتابه «ديوان لغات الترك» سنة 465ه. إن تشابه أسلوبهما يرشدنا إلى أنهما اكتسبا العلم من منهل واحد ومنهج واحد ذي أنظمة في تلك المؤسسات والجامعات الموجودة في البلاد. وقد استغرق تأليف كتاب العلامة يوسف خاص حاجب «قوتادغوبيليك» سنة ونصف حتى أتمه سنة 461ه في مدينة كاشغر، وقدمه للسطان أبو علي حسن تاوغاج بغراء خان بن الملك سليمان أرسلان خان. والملك قدره وعززه بحيث عينه مستشاراً خاصاً للقصر الملكي، وعمل في القصر الملكي حوالي عشرين سنة. بينما ألف ابن سينا مؤلفاته باللغة العربية وكذلك البيرونيو الفارابي، ألف العلامة محمود الكاشغري مؤلفة القيم «ديوان لغات الترك» بالتركية الأويغورية والعربية، وقدمه في بغداد للخليفة المقتدي بأمر الله. يعتبر يوسف خاص حاجب الوارث المتميز لأفكار الفارابي، ويظهر هذا واضحاً في أفكاره السياسية والاجتماعية. يمكن لنا أن نقول أن يوسف خاص حاجب استفاد من فيلسوف بلده ومن بني جنسه (الفارابي) من الناحية الفلسفية والاجتماعية والسياسية.
إقرأ أيضا:شمس الدين أبو عبد الله بن محمود الخليليقوتادغوبيليك كتاب قيم في علم الاجتماع والحكم وفلسفة الحياة والحاكمية. وهو ليس كتاب في الأدب والاجتماع فقط، إنما كتاب للفكر الإسلامى في عصره حيث يضع المؤلف أفكاره ويربطها بالفكر الإسلامى بشكل عام فيما يتعلق بفلسفة الحكم. وأفكار الكتاب تشبه الأمثال والحكم. كما يقدم لنا الكتاب أفكارا عن علم الاجتماع في وقت لم يكن ابن خلدون قد دوّن مؤلفه الشهير ويبيّن أن السلاح الأساسي لازدهار الدولة وتنمية مستوى معيشة الناس من قبل الملك المفكر وموظفه الكفء هو القانون العادل. القانون العادل يعبّر عن عقل الحكماء من جهة، ومن جهة أخرى يضمن سعادة الشعب. وإذا لم يحافظ القانون العادل، تتحول السعادة إلى شيء غير ثابت.
إقرأ أيضا:محمد المختار السوسي واللغة العربية