ملحوظة : ما سيُقال في هذا المقال ليس موجها لأحد بأي حال، فلا تتعب نفسك بالبحث عن المخاطب فإنني أنا أخاطب نفسي كثيرا فأنا المجنون منذ زمان، وكم أحسن الحديث مع نفسي في الخلوات والجلوات.
أما ترى يا صديق، أنك أفرطت في العجمة وصرت أعجميا غير عربي، لا تكتب بالفصحى إلا لماما، وتتأفف ممن يحدثك بها ،أتراك تعتقد أن الحديث بلغة العجم يجعلك ذكيا ألمعيا!
بئس المعيار، وبئس الاختيار، حرمت نفسك من التمتع بلغة الأخيار، نعم أخيار، أليست لغة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته وهم خير الناس وخير من مشوا بين الناس على ظهر الأرض.
ما بك يا صاح إذا حدثناك عن علوم ديننا وازدهار حضارتنا، ازدريت ما تسمع وهممت بإغلاق أذنك عن السماع، تعتبر كل ما خرج من تلك الديار حضارة وتقدم ولو كان أجوفا منزوع الإيمان لا روح فيه، كالبيت الخرِب لا حاجة للناس للسكن فيه، ألا تعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في الخلق و أسلوب العيش، فلا تتعالم بلغاتك التي تتقن، فإنما هي أدوات للتواصل مع الأمم والحضارات، ولطلب علوم ترفعك في دنيا الناس إن لم يصاحب قولك العمل، و يصاحب الصفح خطأك والزلل فلا تتفاخر بعلمك والشهادات، ولا تمشي في الخلق تدعي أنك ذو كرامات، إنما العلم الحق ما صاحبه التطبيق، وكان لصاحبه خير رفيق، ينير دربه والطريق ويعلي من شأنه في وجه كل صفيق.
نصيحتي لك لا يكن قلبك قلب أعجمي، فرق بين اللغة كوسيلة للتواصل وكوسيلة للحياة ،فلا تعش مع اللغة بل تعامل معها بشكل نفعي، اقض حوائجك منها، وابق وفيا للغتك الأم لا تتأفف من الحديث بها وإتقانها، ستعرف يوما أنني كنت لك ناصح أمين، حينما تجد ابنك يحدثك بلغة العجم في كل حين، ولا يعرف البيروني وابن خلدون، ويطير فرحا إذا ذُكر لافوازيه و شيشرون.
ستعلم أنني محق حينما يحتفل ابنك بعيد الحرب والبارود ويخشع في اليوغا ويمارس تعاليم التل. م. و. د ، ستعلم أنني محق حينما تصير تطمح لبناء الدور والقصور، وتنسى إصلاح نفسك والتطهير من كل الشرور، فالعجم هذا ديدنهم، وهذا كل مقصودهم من الحياة، مأكل ومشرب ومنكح، واشبع أنت بروحانيتك فقد طلقوها تطليق الثلاث، وماعادت تدور بساحتهم.
كُتبت في :19 فبراير 2022م