هو أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن عبد الملك بن محمد، واسطة عقد بني زهر وأشهر أطباء الأندلس في عصره.
ورث الطب عن أبيه وجده، ونال الوزارة مثلهما، وملأ الدنيا بعلمه، ويعتبر أعظم معلم في الطب الإكلينيكي بعد الرازي ورائد علم الأورام، وأول من خصص كل وقته في الطب.
يقول عنه فيديل فرنانديث: “كان أول طبيب محض تسجله العصور، لأنه انشغل فقط بالطب متخليا بذلك عن صفة (الموسوعي) التي كان يتحلى بها حكماء عصره، ولأنه رأى واجبا عليه أن يؤسس الفرق – الذي بقي منذئذ حتى اليوم – بين الطبيب والجراح والصيدلي أو عالم النبات”.
كان ابن زهر عبقرية فذَّة في مجال العلوم الطبية، وقد زاول المهنة وهو ابن ست عشرة سنة، وكان يعتمد على التجربة والتدقيق العلمي، ويذكر له تاريخ الطب تجارب خطيرة وملاحظات دقيقة وإضافات جمّة منها وصفه الأورام الحيزومية وإبراز الفروق بين الالتهابات الحادة أو المزمنة لغشاء القلب وبين أمراض تجاويف القلب، وهي أمراض لم توصف من قبل، وكان أول طبيب عربي أشار بعملية شق الحجب واخترع القسطرة المريئية لتغذية المريض عند ضيق المريء، واخترع الحقن الشرجية المغذية. كما تدين له الجراحة بأول فكرة عن جراحة الجهاز التنفسي، و له أبحاث كثيرة عن الأطعمة والأدوية والكسور، وغير ذلك الكثير.
وقد دوّن كل ذلك في سلسلة من المؤلفات أهمها: كتاب التيسير في المداواة والتدبير وهو موسوعة طبية عظيمة وقد ترجم وطبع عدة مرات، كتاب الاقتصاد في إصلاح النفس والأجساد، كتاب الأغذية، كتاب الجامع.
ترك ابن زهر ثروة علمية كبيرة وكان لإسهاماته وابتكاراته الطبية أثر كبير في تطور الطب في أوربا، وقد امتد تأثيره الى مطلع القرن الثامن عشر، وترجمت كتبه إلى عدة لغات. وكان يعرف في الأدبيات الأوربية باسم (افنزوارAvenzoar) و (ابو مروان Abumeron).
وافاه الأجل من جرّاء خرّاج خبيث في إشبيلية، ودفن خارج باب النصر، وخلّف ابناً هو أبو بكر الشاعر والطبيب وابنة طبيبة. ومن غريب الصدف أن أباه قد توفي بتأثير دمّل خبيث كذلك.
