مقالات متنوعة

دفاعا عن لسان الوحي المبين أكتب….

تتطور الأمم والحضارات حينما تهتم بلغاتها الوطنية وتركز على استعمالها في كل مناحي الحياة، حتى تجنب أبناءها التيه اللغوي الذي يمكن أن يقعوا فيه نتيجة اعتمادهم على تعددية لغوية تزيد التشتت وتفرق بدل أن توحد، فالتعددية يمكنها أن تجعل الجميع يزدري لغته الأم ويقبل على تعلم لغات الآخرين! وما يحصله هو ضعف لغوي فظيع في لغته الأم وعدم إتقانه للغات الأجنبية(تعلم اللغات الأجنبية ضروري للاندماج في مجتمع المعرفة لكن مع الحفاظ على الهوية المحلية)، إن أشد ما يستفزني هو كلمة “اللغات الحية” التي أجدها معلقة في مراكز تعلم اللغات، وكأن لغتنا ميتة!!
ومن قال أنها ميتة فهو الميت، وهل يموت لسان الوحي المبين وتعيش لغة بني إسحاق بعد قرون من عدم تداولها، وتموت لغتنا العربية بعد أن أُنزل كتاب ربنا عزوجل بها، وكيف لا تصلح لتدريس العلوم وللمسلمين باع طويل في تطوير علوم شتى، لا وجود لمصطلح لغة العلوم،إنما هي لغة قوم
اذا اهتموا بها وكانوا مولعين بالعلوم
أتقنوها،وفرضوا على العالم أن يحدثهم بلغتهم الأصلية إذا أراد أن يأخذ عنهم علما أو تقنية نبغوا فيها، هذه هي القصة باختصار.
وخير دليل هو ألمانيا تفرض على كل من أراد دخول أراضيها للعلم أو للعمل أن يتقن اللغة الألمانية،لكن في جانب آخر من العالم عندنا مجمع اللغة العربية في القاهرة الذي يعتبر هيئة تُعنى بالحفاظ على اللغة العربية وصيانتها من العجمة، يشارك المركز في الانتقام من العربية وتقزيم مكانتها من خلال إدخال كلمة “ترند”(Trend) للمعجم اللغوي العربي، وهي كلمة إنجليزية يمكن الاستعاضة عنها بكلمة”رائج”، “متداول”، “ذائع الصيت ” كلتا الكلمتين اسم فاعل على وزن فاعل ، ومتداول اسم مفعول من فعل غير ثلاثي بإبدال حرف المضارعة ميما مضمونة وفتح ما قبل آخره، أما ترند فلا أعلم كيف سيتم دمجها في ميزننا الصرفي العربي!! والقصة كلها تدخل في نطاق اتباع سلطة الثقافة الغالبة كما وضح الشيخ إبراهيم السكران فك الله بالعز أسره، والدوران في فلكها كما هو معهود من مثقفي عالمنا الإسلامي الذي يعيش فترة ضعف حضاري فظيع،وإني غيرة مني على لغة الضاد أرفض هذا القرار الأرعن وأعتبره تحقيرا للغة العربية التي تعتبر من أغنى لغات العالم و أجملها، أدعو لعدم استعمال هذه الكلمات الأعجمية والاحتفاظ بمقابلها العربي الفصيح حفاظا على الهوية الإسلامية، ولا ننتظر ممن يحمل ذ أو د قبل اسمه أن يحميها، فتلك أسماء لا تسمن ولا تغني من جوع، إنما المواقف من تحفر بإزميلها على جدار الحياة وتظل شاهدة على ما قدم المسلم للسان الوحي المبين ،حينما خذل الجميع هذا اللسان وولوا على أعقابهم ينكصون.
بقلم: عبد الحكيم اسنوسي
فاتح ربيع الأول 1445ه / 17 شتنبر 2023م

إقرأ أيضا:المسلم المعاصر: بين الإقبال المادي والإدبار الروحي!

السابق
أصل تسمية أسفي
التالي
الحايك العربي المغربي

اترك تعليقاً