المور والجمع الموريون، بالإسبانية (موروس: Moros) بالإنجليزية (مورس: Moors) بالفرنسية (مور: Maures) هو مصطلح في اللغات الأوربية، شاع إستعماله في وصف عرب الأندلس بشكل خاص بداية ثم أطلق على المسلمين عامة فيما بعد، يقول المؤرخ الإنجليزي أرثور غيلمان في ترجمته لكتاب «The Story of the Moors in Spain – Page 13» : “يتم استخدام كلمة مور بشكل ملائم للدلالة على العرب والمسلمين الآخرين في إسبانيا .“ (راجع هنا)
ويقول الجغرافي والمؤرخ والرحالة والجراح والجيولوجي ويليام فرانسيس أينسوورث (William Francis Ainsworth)، في كتابه (All Round The World)، المنشور سنة 1875م، حول المور : “ المور هم أحفاد أولئك الذين طردوا من إسبانيا عندما ثم غزو غرناطة من قبل فرديناند وإيزابيلا…، والمور مثل العرب، ينتمون إلى المشرق العربي في الأصل “. (راجع هنا)
أما الموسوعة الإنجليزية «The English Cyclopaedia» المنشورة سنة 1866م، فقد ورد فيها عن معنى المور : “ لقد استخدم اسم مورو في أوروبا بالمعنى العام ويعني العرب الأفارقة “. (راجع هنا)
إقرأ أيضا:قبائل الصحراء المغربية : اصولها جهادها و ثقافتهاويقول اللغوي والمعجمي والفيلسوف الفرنسي Prudence Boissière (1806-1885م) في معجمه الكبير الخاص باللغة الفرنسية ؛ 《السارسانس أو المور تعني العرب 》(راجع هنا)
ويقول المؤرخ واللغوي الفرنسي كلود فورييل (1772 – 1844م) في قصيدة شعرية وهو يتكلم عن عرب الأندلس : 《ولم يسهم شيء في إيقاظ الغريزة الشعرية لدى سكان الجنوب أكثر من حروبهم وعلاقاتهم مع عرب إسبانيا. هؤلاء الساراسان الشجعان، هؤلاء الموريون الرهيبون، الذين عبروا دنس جبال البيرينيه مرات عديدة، سرعان ما احتلوا مكانًا أكبر بكثير في مخيلة سكان ناربون وتولوز وبوردو مما كانت عليه في سجلات الرهبان الجافة. لقد ظهروا في وقت مبكر في الأساطير الرائعة، في الأغاني التاريخية، التي كانت بمثابة جوهر الملاحم الرومانسية للعصور اللاحقة 》. (راجع هنا)
وجاء في كتاب الدبلوماسي الدانماركي (1734-1794) Georg Höst في المغرب عن المور ؛ 《 إن أولئك الذين يسميهم الأوروبيون الموروس هم في الواقع ذلك الجزء من العرب الذين استقروا في المدن، واختلطوا بجزء من المور القدامى وجاتولي…، لكن فإن هناك جزءًا صغيرًا جدًا منهم ينحدر من المور القدامى، فهم ينحدرون أساسا من العرب الذين كانوا يُطلق عليهم اسم ساراسان..، وعندما يخرج الموري من المدينة ويعيش في البلاد، فإنه يعتبر عربيًا تمامًا مثل العربي.. .》(راجع هنا)
إقرأ أيضا:الأسماء العربية الأصيلة لأوقات الساعات الأربع والعشرينوسنتطرق في مقالنا هذا للسياق التاريخي لمصطلح المور في الأندلس، وبيان اللبس الذي يشوبه عند خلطه بمصطلح ماوروسي القديم لسكان مملكة موريطنة.
المور في الأندلس
أطلق على العرب في الأندلس في اخر مراحل حكمهم لقب المور وهو لقب قدحي يعني الكافر أو السارق، وشاع إستعمال هذا المصطلح بكثرة عند الإسبان عند وصفهم للعرب، يقول مارتين كاريو (1576م) في الكتاب الثالث من “حوليات ومذكرات كرونولوجية” (Annales y Memorias Cronologicas)، عن المور وأصلهم :
وفي نفس السياق يقول بيدرو ميكسيا 1497م (Pero Mexía)، العالم الإنساني والفيلسوف، أحد أشهر مؤرخي الإسبان في عصر النهضة الإسبانية، عن أصل المور وهو الذي عاش بينهم وعاصر سقوط حكمهم : “ في غضون سنوات قليلة، كانت أقل من أربع سنوات حسب حسابي، قوة إيمانهم جعلتهم أسيادًا لكل شيء يدافع عنه من مصر إلى مقاطعة موريتانيا، تينجنتينا، سبتة، طنجة، أصيلة..، وهم يسمون ماوروس، أو المور، وأيضًا العرب، لأنهم أتوا من شبه الجزيرة العربية “. {راجع، هنا}
أما المؤرخ واللغوي القشتالي الإسباني برناندو ألديرتي (1560م)، فيقول عن معنى إسم مورو وعلى أي شعب يطلق في الأندلس : “ نسميهم باسم موروس، لكونهم من طبيعة عربية “. (راجع هنا)
إقرأ أيضا:يجب اعتماد التقويم الهجري وإليك كيفية تحويل التاريخ الميلادي الى الهجريونجد المؤرخ الإسباني دييغو دي هايدو (1555-1613م)، يصف أحد القياد العرب بالموري فيقول : “كان من أمة مورية، أو عربية، ولد في الإسكندرية بمصر، وكان اسمه أمات“. {راجع هنا}
وبالتالي من خلال ما سلف ذكره من مراجع إفرنجية قشتالية، معاصرة لحقبة الأندلس يتبين أن السياق التاريخي لتسمية المور في الأندلس مرتبط بالعرب وليس بمملكة موريطنة القديمة، فالمور في الأندلس هم العرب خاصة والمحمديون عامة وليس سكان مملكة موريطنة الرومانية.
المور العرب في المنمنمات القوطية واللاثينية
إن المراجع التاريخية القديمة التي أشير فيها لإسم مور في الأندلس دائما تجد فيها دلالة مرتبطة بالعرب خاصة، وهذا ما سنتناوله في هذه الفقرة للتوضيح :
1️⃣ جاء في “تاريخ سيلوس” (Historia Silense) -ويعود إلى الفترة ما بين عامي 1109 و1118م- ما يلي :
Cum enim per XXXIII annos, ut in gestis eiusdem habetur, bellum cum Saxonibus protraheret, venit ad eum quidam Maurus nomine Hybinnalarabi, quem Cesaraugustano regno Abderrahaman magnus rex Maurorum prefecerat, spondens sese et omnem provinciam sue ditioni subditu rum. Tunc Carolus rex, persuasione predicti Mauri spem capiendarum civitatum in Yspaniam mente concipiens, congregato Francorum exercitu per Pireneica deserta iuga iter arripiens, adusque Pampilonensium oppidum in columis pervenit.
ويذكر هذا النص أنه قدم على شارلمان (Carolus) أحد المور ويدعى ابن الأعرابي (Hybinnalarabi)، والذي كان ملك المور العظيم عبد الرحمن (Abderrahaman magnus rex Maurorum) قد ولاه حكم سرقسطة، وعرض هذا الموري على شارلمان أن يدخل في طاعته، فاقتنع الملك الفرنجي بفكرته، وأمل في الاستيلاء على مدن في إسبانيا، فجمع جيش الفرنجة وسار عبر جبال البرانس حتى وصل إلى مدينة بنبلونة.
وحتى نوضح أكثر، فالنص يشير إلى واقعة خروج سليمان بن يقظان الكلبي المعروف بابن الأعرابي على أمير قرطبة عبد الرحمن بن معاوية الأموي، وتحالفه مع شارمان أو قَارْلُه كما تسميه المصادر العربية.
2️⃣ جاء في الفصل 466 من كتاب “التاريخ العام الأول” (Primera Crónica General) -وهو تاريخ قومي لإسبانيا أمر بتأليفه ملك قشتالة وليون ألفونسو العاشر الحكيم (ت. 1284م)- ما يلي :
Cuenta la estoria que los moros uienen del linnage de Agar et de Ysmael su fijo que fue fiio de Abraham.
يبتدأ هذا الفصل بعبارة “تحكي القصة أن المور ينحدرون من نسل هاجر (Agar) وابنها إسماعيل (Ysmael) الذي هو ابن إبراهيم (Abraham)”. ثم يسرد الكاتب بعدها في باقي الفصل نسب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
3️⃣ جاء في كتاب “الفتح العظيم لما وراء البحار” (La Gran Conquista de Ultramar) -وهو تاريخ عن الحروب الصليبية أمر بتأليفه ملك قشتالة سانشو الرابع (1295م) ما يلي :
E otrosí entre los moros no hobo mas preciado rey que Aron Arraxid. E así como los cristianos ficieron historias que cuentan los fechos de Cárlos, así ficieron los moros de Aron Arraxid, de que hablaron siempre los unos é los otros.
يذكر هذا النص أنه لم يكن بين المور ملك أغلى من هارون الرشيد (Aron Arraxid)، وأنه مثلما صنع النصارى قصصًا تروي أحداث شارلمان (Cárlos)، كذلك فعل المور نفس الشيء مع هارون الرشيد، وكانوا دائما يحدثون بها بعضهم البعض.
4️⃣ جاء في كتاب “موجز عن ملوك إسبانيا” (Sumario de los Reyes de España) لخوان رودريجيز دي كوينكا (القرن 14م) ما يلي :
E otrosi en tiempo deste Rey Don Alfonso envió Isen Rey de Cordoba á un Moro de grand guisa con su hueste para que corriese tierra de Asturias; é este Rey Don Alfonso lidió con él, é vencióle, é matóle sesenta mil Moros de los Alárabes. E este Rey Isem acabó la mezquita de Cordoba que su padre Audurramen Rey de Cordoba avia comenzado, é otrosi fizo la puente de Cordoba.
يذكر هذا النص أنه في زمان الملك ألفونسو الثاني (Don Alfonso II)، أرسل هشام (Isem) ملك قرطبة جيشا كبيرا لغزو أراضي مملكة أستورياس، فقام الملك ألفونسو بالتصدي له وهزيمته، وقتل ستين ألف موري من العرب. ويذكر النص أيضا أن الملك هشام هذا قد انتهى من بناء مسجد قرطبة الذي بدأه والده عبد الرحمن (Audurramen) ملك قرطبة، كما قام ببناء جسر قرطبة.
5️⃣ جاء في الفصل 40 من السفر الثاني عشر من كتاب “تاريخ عام لإسبانيا” (Coronica General de España) لأمبروسيو دي موراليس (1513م) ما يلي :
Las cosas de África, por nuestro dolor pertenecen ya mucho en este tiempo a nuestra Historia de España. Ganóle toda esta gran provincia Abdalla, Capitán de Moabia, cuarto sucesor de Mahoma, al Emperador Constante de Constantinopla que la poseía. Y aunque el Conde Gregorio, que la gobernaba por el Emperador resistió como buen Capitán, y dio la batalla a su contrario, mas quedó vencido con gran mortandad de su gente y pérdida de toda la provincia. … A los Alárabes quedó desde esta entrada en África el nombre de Moros, que antes no tenían, y hasta ahora les dura, por haberse enseñoreado de las dos provincias llamadas Mauritanias, y la que llaman Tingitania, se comienza a tender desde el estrecho de Gibraltar por el mar Océano al Poniente, y la Cesariense va desde el mismo estrecho por el mar Mediterráneo hacia el Levante.
ويذكر المؤرخ هنا خبر استلاء عبد الله (Abdalla) قائد معاوية (Moabia) الخليفة الرابع لمحمد (Mahoma) على مقاطعة إفريقية من إمبراطور القسطنطينية بعد هزيمته للوالي الروماني الكونت جريجوريوس (Gregorio) الذي قاوم كقائد جيد، إلا أنه في النهاية انهزم وخسر المقاطعة بأكملها.
ثم يذكر بعد ذلك أنه بدخول العرب إلى إفريقية هذا، أصبح يطلق عليهم اسم “المور”، وهو ما لم يكن قبل ذلك، وما زال قائما حتى الآن، وذلك لأنهم حكموا مقاطعتي موريطانيا الطنجية التي تمتد من مضيق جبل طارق عبر بحر المحيط إلى الغرب، وموريطانيا القيصرية التي تمتد من نفس المضيق عبر البحر الأبيض المتوسط إلى ليفانتي.
6️⃣ جاء في الفصل 11 من السفر الثاني من “تاريخ الملوك القوط” (Historia de los Reyes Godos) لخوليان ديل كاستييو -ويعود إلى عام 1582م- ما يلي:
En este tiempo, por la falta y desgracia de los Emperadores, perdio el Imperio Romano la Prouincia de Africa, desde Egypto, hasta Mauritania Tingitana, Ceuta, Tanger, y Arcila; por la qual Mauritania, se llamaron los Sarrcenos sequaces de Mahoma, Moros o Mauros, que vino a ser causa de la destruycion de España.
يذكر هذا النص أنه بسبب أخطاء وسوء حظ الأباطرة الرومان، خسرت الإمبراطورية مقاطعة إفريقية من مصر إلى موريتانيا الطنجية وسبتة وطنجة وأصيلة، وأنه باستيلائهم على موريطانيا، أصبح السراسنة أتباع محمد الذين سيكونون سبب تدمير إسبانيا يسمون “المور”.
7️⃣ الصفحة 15 من كتاب «Relación del origen y suceso de los xarifes y del estado de los Reinos de Marruecos»، للمؤرخ دييجو دى توريس (1551م) ، يحكي فيها عن معاهدة الصلح التي أبرمها عرب المغرب في عهد السعديين مع ملك البرتغال قائلا :
como queda di cho, Hiça Bubaher, Xeque de los Alarabes de Garbia, y otros caudillos Moros, que eftavan en la ciu dad aguardandole, le fueró a befar las : manos, y cn nombre de fus pueblos ofreciero vaffallage al rei, y de ai adelante pagaron tributo. Lo milmo hizie ron otros muchos Alarabes, que vinieron de to dos los Aduares de la provincia. Y afsi començo a florecer la conquifta.., Los tributos que pa gavan en aquel tiempo los Moros de paz al Ca pitan general de C, afi en nombre del Rei, eran to, los de Abad (عبدة) , que eran Alarabes de los princi pales de Duquela (دكالة) , pagavan mil cargas de camello cada.
ويحكي النص أن عرب الغرب وغيرهم من قادة الموروس دفعوا الجزية للملك دون مانويل، ويشير في النص الأخير إلى أن عرب عبدة ودكالة كذالك أنهم من الموروس الذين دفعوا الجزية. (راجع هنا)
8️⃣ كتاب «Guerras de los españoles en África, 1542, 1543 y 1632» للكاتب واللغوي الإسباني فرانسيسكو دي لا كويفا (1550م)، يقول في الصفحة 62 متكلما عن المور في الأندلس :
“Otro dia, viernes, á 2 de Febrero, dia de Nuestra Señora Candelaria, vimos los moros alárabes cómo nos iban siguiendo por una sierra arriba, corriendo y ha- biendo placer, haciendo el algazara que suelen.
والترجمة : “ وفي يوم آخر، الجمعة 2 فبراير، وهو يوم السيدة كانديلاريا، رأينا الموروس العرب يتبعوننا إلى أعلى سلسلة جبال، يركضون ويمرحون، ويحدثون الضجيج الذي يفعلونه عادةً “. (راجع المصدر هنا)
المور في شمال إفريقيا
قد يخلط البعض بين المور العرب في الأندلس والموروسي السكان الأصليين لمملكة موريطنة، لكن لا علاقة بين الإسمين والشعبين بل هناك تشابه محرف لا أكثر، كما أن سكان مملكة موريطنة الموروسي شعب بائد، لم يبقى منه إلا القليل المعدود، عند قدوم العرب الفاتحين، يقول المؤرخ الروماني بليني الأكبر : “ يبلغ طول مقاطعة تنجيتانا 170 ميلاً . من بين الأمم في هذه المقاطعة، كانت الرئيسية هي قبيلة الموري، وقد أطلق عليها العديد من الكتاب الموروسي. لقد أضعفت كوارث الحرب هذه الأمة إلى حد كبير ، وتضاءلت الآن في عدد قليل من العائلات فقط “.{راجع هنا}
وبالتالي فبليني الأكبر تكلم عن إنقراض الموروسي قبل العرب بقرون فهو تولى حكم ولاية إفريقية في 40م، أي قبل الفتح العربي ب600 سنة، وقبل الغزو الوندالي ب300 سنة، ومعلوم أن الوندال كانوا برابر همجيين أبادوا وأحرقوا الأخضر واليابس في طريقهم، فحتى القلة التي بقيت من الموروسي لم تسلم منهم، جاء في الموسوعة الإنجليزية المجلد الاول، (The English Cyclopaedia, Part 1, Volume 1) ص879: “في عهد هونوريوس الفندال الذين إستقروا في جنوب إسبانيا، غزوا شمال إفريقيا سنة 428م بدعوة ملكهم جينسيريك، بدعم من الكونت بونيفاس الروماني، فقاموا بأفضع الأعمال الوحشية، وطهروا البلاد من سكانها السابقيين “.{راجع هنا}
وعليه فمن غير المنطق ربط تسمية وشعب الموروسي القديم بالمورو العرب في الأندلس أو البربر (الأمازيغ حاليا) كذالك لأنه شعب منقرض منذ القدم.
وأما عن أصل الموروسي أو الماوروسي سكان مملكة موريطنة القدامى فقد سبق أن تطرقنا له بالتفصيل والتدقيق في مقال ديموغرافية المغرب عبر التاريخ {يمكن مراجعة المقال هنا}
_________________________________________