التعليم

ما سر نجاح وتطور النموذج التعليمي الياباني وفشل وتقهقُر نظيره في الدول العربية؟

ما سر نجاح وتطور النموذج التعليمي الياباني وفشل وتقهقُر نظيره في الدول العربية؟

يعبر الدكتور المغربي وعالِم المستقبليات المغربي، المهدي المنجرة، رحمه الله، والمعروف بدعواته المكثّفة والكثيرة إلى نهج نظام تعليمي يعتمد على الإنطلاق من اللغة الأم، يعَبّر بكل صراحة وشفافية عن إحدى أهم أسباب نجاح النظام التعليمي في الإمبراطورية اليابانية، حيث عاش لسنين من الزمن واكتسب الكثير من الخبرات والتجارب بين شعبها الودود المجتهد، ويكمن أهم هذه الأسباب في اعتماد البلاد على اللغة اليابانية في التدريس وفي مجال البحث العلمي وأغلب جوانب الحياة، ويبدأ هذا النجاح، حسب المنجرة، من ثورة “الميجي” عام 1868م حيث تم أولاً محو الأمية في ظرف 25 سنة فقط لتطرق اليابان بوابة القرن الـ20 في ظرف ربع قرن فحسب. وبهدف تجاوز معقوات اللغة اليابانية واختلافها المعقد عن لغات العلوم الأخرى، وعلى رأسها الإنجليزية، لجأت اليابان إلى مشروع ضخم انكبّ تركيزه بشكل كامل على ترجمة العلوم من جميع لغاتِ العِلم إلى اللغة اليابانية لتسهيل عملية البحث والفهم وهضم الحقائق والمعارف على أبناء الشعب الياباني، وهذا دليل قوي وقاطع على ضرورة الانطلاق من اللغة الوطنية للوصول إلى مراتب علمية ومعرفية وثقافية عُليا.

ويشير المهدي المنجرة في كتابه “الإهانة في عهد الميغاإمبريالية” إلى أن انفتاح اليابانين على النهل من العلوم من لغات أجنبية وترجمتها إلى لغتهم الأم لم يمنعهم البتة من التخلي عن قيمهم وثقافتهم وتراثهم وخصوصياتهم الوطنية، وهو ما سهّل عليهم كذلك تَبَنّي نهج البحث العلمي المحض لكن شريطة أن يظل مقرونا بروح الابتكار المُستمَدة من العقل الياباني المُبدِع.

إقرأ أيضا:العدد الأول من المجلة الصحية المغربية

كل هذا وَضَع المنجرة أمام تساؤل محير وهو: أين نحن المغاربة والعرب من هذا النموذج؟ فجاءت الإجابة على لسانه سريعا بقوله الصريح: “عِوَض أن نحارب الأمية، نقوم بمحاربة المعرفة، وعوض تعميم استعمال التعليم باللغة الوطنية، نقوم بالعكس، وأتحدى أي مختص في هذه النقطة بالذات: ليست هناك أي دولة في العالم ذهبت بعيدا في ميدان البحث العلمي وصارت قوة تكنولوجية بدون الانطلاق من لغتها الوطنية“، من خلال هذا الاعتراف الصريح من عالِم كبير ومفكر عظيم من طينة المهدي المنجرة، رحمه الله، يتضح لنا بشكل جلي وشفاف أن أبرز وأهم شرط للانطلاق بقوة وفعالية عالية نحو مجالات البحث العلمي والابتكار التكنولوجي والإبداع الأدبي والفني وغيرهم من المجالات، هو أولاً الاعتماد على اللغة الأم للشعب الذي يسعى إلى احتلال مكانة علمية مرموقة بين شعوب العالَم، وهو ما لا يتوفر في أغلب الدول العربية وليس في جلها بالضرورة.

ولا فرق عند المنجرة بين اللغة العربية الفصحى وبين اللغة الأمازيغية، في حالة المغرب، وذلك لكونهما اللغتان الرسميتان الوحيدتان حسب دستور المملكة المغربية لسنة 2011م، فإمكاننا الاعتماد عليهما معاً أو على واحدة أكثر نسبيا من الأخرى، فيبقى هذا الأمر سيّان في آخر المطاف طالما أننا لن نستعمل لغةَ غيرنا في تدريس أبناءنا وبناتنا ولبناء وطننا، والمهم إذاً هو الانطلاق من اللغة الوطنية للبلاد. ويعتبر كذلك أن التأسيس لنموذج تعليمي مغربي ناجح لا يستقيم بالاعتماد على لغة أجنبية، لأن هذا الأمر سيشكل حجر عثرة للتفكير بشكل سليم وللإبداع والابتكار الفعال لكونه يخلق تناقُضاً مفاهيمياً خطيراً بين الذات واللغة. فحتى الصين تستعمل الصينية، وروسيا تستعمل الروسية، والسويد تستعمل السويدية، والهند كذلك… والأهم حسب المنجرة هو إنهاء العيش تحت حذاء الاستيلاب اللغوي والهوياتي العربي الناجم عن الاستعمار اللغوي الفرنكفوني.

إقرأ أيضا:السحابة 2: شرح وتثبيت وإعداد أودو على شبكة جوجل السحابية مع دعم العربية

-حمزة.ح.

السابق
كتاب تعلم البرمجة مع بيثون 3
التالي
فرض الفرنسية والإنجليزية في المغرب كلغات تدريس للمواد التعليمية هدفه إقصاء المغاربة والحيلولة بينهم وبين طلب العلم والمعرفة

اترك تعليقاً