الشاوية اسم للبسيط الممتد من وادي الشراط إلى وادي أم الربيع ومن المحيط الاطلسي الى مشرع ابن عبر وضريح سيدي المدني، سمي هذا البسيط باسم القبائل النازلة فيه بعد ما كان يعرف قديما بتامسنا وتبلغ مساحة هذا البسيط حوالى 12.500 كلم مربعا وهو يتركب من مناطق متعددة تتدرج فى العلو ابتداء من الساحل وتحمل كل منها اسما خاصا، أولاها المنطقة المشاطئة للبحر والواقعة فيها الدار البيضاء وفضالة إلى مصب أم الربيع وتعرف بالساحل، ويبلغ عرضها 20 كلم وأراضيها رملية لاكنها غنية بفوسفاط الجير تليها منطقة سهلية يبلغ عرضها 30 كلم تدعى الوطا وارضها طينية خصبة من النوع المعروف بـ « التيرس » تحتوى على مادتي الازوت والبوتاس بكثرة، وتشبه الاراضي السوداء بروسيا الى حد كبير، ثم تليها منطقة ثالثة رملية تدعى الحمرى لاحمرار لونها بسبب وجود اوكسيد الحديد فيها وهي غنية كذلك بالجير والبوتاس ثم المنطقة المدعوة الهضبة الوسطى ويتراوح ارتفاعها بين 300 و 600م فوق سطح البحر ثم المنطقة المدعوة العلو، وهى هضبة كسابقتها لاكن ارتفاعها يتراوح بين 800 و 900م.
اصل تسمية الشاوية
الشاوية كلمة عربية فصيحة من شاة ويطلق العرب لقب شاوية بالنسبة للقائمين على الشَّاةِ والبقر.
يقول إبن خلدون حول تسمية الشاوية: ” كما أن الشاوية أهل القيام على الشاة والبقر لما كان معاشهم”.
إقرأ أيضا:سكان منطقة تامسنا ودكالة حسب العلامة المختار السوسيومن خلال ماسبق يمكن القول أن الشاوي أو الشَوَايَا أو الشاوية ليست أصلاً عرقياً أو إثنياً، وإنما لقباً مهنياً فقط أو مكانياً، كما هو لفظ “رعاة البقر cowboys“، في أمريكا.
قبائل الشاوية
إن قبائل الشاوية هي عربية كما هو متفق عليه بالإجماع من المؤرخين، فهي من قبائل عرب تامسنا كما عرفت قديما، ومن ذكر منهم أن هناك قبائل بربرية مندمجة فيهم، فيؤكد أنها دابت معهم وأصبحت منهم، وهذا نفسه ما تأكد جينيا من خلال العلم الحديث كما هو مبين أسفل المقال.
فبالرجوع للمراجع الأولى نجد أن الشاوية هو مصطلح حديث لتلك المنطقة، بحيث كانت تلك البلاد وقبائلها يعرفون بقبائل عرب تامسنا كما ذكر إبن الخطيب (1313-1374م)، والمقري التلمساني (1577-1632م)، وإبن خلدون (1332-1406م)، وغيرهم كثير. (راجع هنا)
أما ذكر الشاوية فقد برز إستعماله بكثرة مابين القرن السابع عشر والثامن عشر ميلادي.
يقول إبن خلدون (1332-1406م) عن أصل الشاوية العرب ؛ ” وأما الصبيحيون فالخبر عن أوليتهم أن جدهم حسان من قبيلة صبيح من أفاريق سويد جاء مع عبد الله بن كندوز الكمي، من بني عبد الواد حين جاء من تونس وأوفد على السلطان ابن عبد الحق ولقيه كما مر وكان حسان من رعاء إبله فلما استقر عبد الله بن كندوز بناحية مراكش وأقطعه السلطان يعقوب في أعمالها وكان الظهر الذي يحمل عليه السلطان متفرقا في سارية المغرب فجمعه وجعله لنظر عبد الله بن كندوز فجمع له الرعاء وكبيرهم يومئذ حسان الصبيحي فكان يباشر السلطان في شان ذلك الظهر ويطالعه في مهماته فحصلت له مداخلة أجلبت إليه الحظ حتى ارتفع وكبر ونشأ في ظل الدولة وغيرها وتصرفوا في الولايات فيها وانفردوا بالشاوية فلم تزل ولايتها متوارثة فيهم منقسمة بينهم لهذا العهد “. (راجع هنا)
إقرأ أيضا:إنسان إيغود والبشر المعاصرين📌 يقول صاحب الإستقصا نقلا في أصل الشاوية :
” يقول إبن خلدون الشاوية من ولد حسان بن أبي سعيد الصبيحي نسبة إلى صبيح بالتصغير بطن من سويد وسويد إحدى قبائل بني مالك بن زغبة الهلاليين ، وكان دخول حسان وأخيه موسى ابني أبي سعيد إلى المغرب الأقصى أيام السلطان يعقوب بن عبد الحق رحمه الله قدموا في صحبة عبد الله بن كندوز العبد الوادي، ثم الكمي “. (راجع هنا)
📌 ويقول صاحب《 نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني 》العلامة محمد بن الطيب القادري (1712-1773م) في ترجمة الوالي أحمد بن محمد الشاوي (ت1605م) : ” أصله عرب الشاوية أهل بلاد تامسنا، وهم من العرب الحجازيين من أحياء بني هلال وسليم الذين نقلهم العبيديون ملوك مصر إلى صعيد مصر ثم دفعوا إلى برقة وافريقية ثم إلى المغرب، أدخلهم اياه يعقوب المنصور الموحدي، كل ذلك لاسباب ذكرها ابن خلدون “. (راجع الجزء الأول من الكتاب ص132 هنا)
📌 ويذكر المقريزي ( 1364-1442م)، قبائل الشاوية في معرض حديثه عن فترة السلطان أبو العباس أحمد المريني قائلا :
إقرأ أيضا:قبائل دكالة العربية📌 كما ذكر شمس الدين السخاوي(1428-1497م)، قبائل الشاوية في معرض كلامه عن العلامة محمد أبو عبد الله العكرمي قائلا :
📌 وجاء ذكر الشاوية كذالك من صاحب كتاب الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، في معرض حديثه عن الشيخ الغزواني قائلا :
📌 ويقول الفقيه الكانوني العبدي (1893-1938م)، عن قبائل الشاوية العرب :
📌 وجاء ذكر الشاوية أيضا من طرف العلامة إبن علي دكالي(1868-1945م)، في مخطوطه المعنون ب { الدرة اليتيمة في وصف مدينة شالة الحديثة والقديمة}، في معرض حديثه عن الحروب التي كانت تقع في عهد العلويين فيقول :
.
“زمان المولى يزيد بن محمد بن عبد الله، فأتى عليها الدمار والمحق الذي كان آخر عهد بها، وذلك أن العرب الصباح كانوا نازلين بأحواز الرباط…، بعد ما شقوا عصا الطاعة على السلطان المولى يزيد وحاصروا الرباط، وكانت بينهم وبين عرب الشاوية وقائع عظيمة، جرت فيها دماء كثيرة… “.
الدرة اليتيمة في وصف مدينة شالة الحديثة والقديمة، ص18 هنا
📌 ويذكر المؤرخ الصديق بن العربي عن الشاوية بلاد وقبيلة :
” الشاوية قبائل تستقر بساحل المحيط بين الدار البيضاء ووادي أم الربيع ومشرع بن عبو في مساحة تقدر بـ 12 ألف كلم مربع تعد من أغنى سهول المغرب وتزدهر بها الفلاحة والصناعة وتضم المعامل المجهزة أحسن تجهيز والأسواق الكبرى والمراكز الفلاحية والضيع الغنية. وكانت تدعى قديما ببلاد تامسنا ويرجع أصل سكانها إلى عرب بني هلال… “. (راجع هنا)
📌 أما مؤرخ المملكة المغربية إبن زيدان العلوي (1878-1946م)، مؤرخ الدولة العلوية وجامع وثائقها وظهارئها، فيقول في كتابه “العز والصولة في معالم نظم الدولة”، ص 156 :
” قبائل الشاوية التي سميت المنطقة بإسمها فهي عربية من ولد حسان بن أبي سعيد الصبيحي نسبة إلى صبيح بطن من سويد احدى قبائل بني مالك بن زغبة الهلاليين، وكان دخولها إلى المغرب على عهد السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني،… وهذه القبائل هي مديونة، وزناتة، واولاد حريز ، واولاد زيان، والمزامزة، واولاد بوزیري، و اولاد ابن داود ، وبنى مسكين وقبائل اولاد سعيد ، وقبائل مزاب ، وقبائل المذاكرة ، وقبائل الزيايدة “. (راجع العز والصولة ج١ هنا)
📌 ويقول العلامة محمد بن جعفر الكتاني (1857-1927م)، في معرض حديثه عن سيدي أحمد بن محمد الشاوي أحد كبار علماء الشاوية :
📌 كما نجد ذكرا للشاوية عند المؤرخ الجليل عبد الوهاب بن منصور في معرض كلامه عن القبائل العربية بالمغرب فيقول :
📌 وإلى جانب المراجع المحلية هناك مراجع غربية تناولة دراسة قبائل شاوية وأصولها أهمها مؤلف إدوارد ويسترمارك (Edward Westermarck)، وهو فيلسوف وعالم اجتماع فنلندي ولد سنة 1862م، قام بدراسة مفصلة إجتماعية عرقية على قبائل المغرب في كتابه (Ritual and Belief in Morocco)، يقول عن الشاوية :
.
” الشاوية هي منطقة جنوب الدار البيضاء يستوطنها العرب “. (راجع هنا)
📌 وجاء ذكر عرب الشاوية كذالك في مؤلف تاريخ إفريقيا العام الصادر عن منظمة اليونيسكو الدولية، كما يلي :
📌 ونجد جيمس ج جاكسون (JAMES GREY JACKSON)، رجل أعمال بريطاني ودبلوماسي من أهل القرن الثامن عشر ميلادي، أقام في المغرب مدة ستة عشر سنة، جاب فيها كل منطقة من بلاد المغرب ونزل ضيفا على قياد البلاد وعلى السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله، يقول عن الشاوية في معرض حديثه عن القسم الشمالي للمملكة المغربية قائلا :
.
” التقسيم الشمالي الذي يضم ولايات الريف والغرب وبني حسن وتامسنا والشاوية وتادلا ودائرة فاس، هي مناطق يسكنها العرب على اختلاف أنواعهم “.
📌 وإلى جانب ماسلف من المراجع نجد كذالك إشارة للشاوية عند الجغرافي والرحالة البريطاني السير آرثر دي كابيل بروك (1791-1858م)، فيقول في وصفه لبلاد المغرب عن منطقة الشاوية: ” تامسنا، الشاوية، غياطة، والحياينة، كلهم مقاطعات عربية”
وقد أشار لعرب الشاوية كذالك الدون خورخي دي هنري (1603م) في مذكراته 《وصف الممالك المغربية》 التي يصف فيها حقبة ما بعد أحمد المنصور كما عاينها بعد قضاءه مدة ثماني سنوات في المغرب فيقول ؛ “عرب تامسنا على ضفة نهر أم الربيع ويقدمون 600 ألف أوقية “. (الصفحة 176)
وقبائل الشاوية في هذا العهد قسمان الأول فروع معروف نسبها العربي والثانية فروع عربية منصهرة مع البربر ردمت أنسابها.
أولا : فأما الفروع العربية المعروف نسبها فهي :
١- أولاد حريز : قبيلة عربية معقلية جدهم الهراج بن مهدي بن محمد ابن عبيد الله ومنه إلى معقل وهو ربيعة ؛ وهي ليست من بني سليم ؛ كما يشاع وقد أشار لهم ابن خلدون فيقول ؛ 《 وأولاد مناد بن رزق الله ابن يعقوب، وأولاد فكرون بن محمد بن عبد الرحمن بن يعقوب من ولد حريز بن يحيى الصغير بن موسى بن يوسف بن حريز، كان شيخاً عليهم أيام السلطان عبد العزيز ، وهلك عقبه ، ورأس عليهم ابنه 》.
وعن دخولهم للمغرب فقد أدخلهم بنو مرين يقول ابن خلدون 《ومواطنهم في ناحية المغرب عن الخراج فيجاورون بني منصور ولهم تاوريرت وما إليها . وخدمتهم في الغالب لبني مرين وأقطاعاتهم من أيديهم ، ومواطنهم تحتهم 》. (راجع هنا)
وهذا نفس ما أكده صاحب الإستقصا عند كلامه عن مؤسس إمارة الشبانات في مراكش ؛ 《 لما قتل السلطان أبو العباس أحمد بن محمد الشيخ بن زيدان في التاريخ المتقدم ثار كبير حي الشبانات بمراكش من عرب معقل وهو الرئيس عبد الكريم بن القائد أبي بكر الشباني ، ثم الحريزي وحريز فخذ منها هي النبعة والصميم فيها وعبد الكريم هذا يعرف عند العامة بكروم الحاج 》. (راجع هنا)
والشبانات قبيلة معقلية كبيرة منتشرة في عموم مناطق المغرب ومدنها وقد ثار من كان منهم في مراكش بعد قتل محمد الشيخ بن زيدان السعدي.
وعن تقسيم القبيلة جاء في موسوعة معلمة المغرب ص3393:
٢- أولاد سعيد : قبية عربية من سويد بطن من هلال، يرجع نسبها لسعيد بن عثمان بن عمر بن المهدي السويدي.(ابن خلدون راجع هنا)
٣- قبيلة اولاد زيان : وتقع في الوسط الشمالي لاتحادية قبائل الشاوية وتضم بلدات وقرى منها اولاد زيان، اولاد الرامي، البكارة، الغنيميين، موالين الواد، الكواسم اما بخصوص نسبهم فذكر ابن خلدون أن اولاد زيان من بطون سويد بن عامر بن مالك بن زغبة. (راجع هنا)
٤- قبيلة بني مسكين : تقع قبيلة بني مسكين في الجهة الجنوبية الشرقية ضمن مجال اتحادية الشاوية الممتدة بين واد أم الربيع جنوبا وواد الشراط شمالا، ويرجع نسبها كما قال إبن خلدون الحضرمي، لمسكين بن عامر بن يعقوب بن القوس من بني سليم بن منصور. (راجع إبن خلدون هنا)
٥- المذاكرة : إتحاد قبلي عربي بربري يضم قبائل عربية وقلة بربرية فأما البطون العربية فهي :
× قبيلة صبيح وتقع اراضيها شرق اتحادية الشاوية القبلية وفي اراضيها تقع مدينة الكارة بالاضافة لبلدات وقرى اهمها اولاد صباح، اولاد العربي، العوواشة، اولاد زيدان، اولاد يحيى وتستوطن معها ايضا قبيلة مليلة او مليلن البربرية وهم ايضا من بطون سويد بن عامر بن مالك بن زغبة ودخلوا المغرب الاقصى في عهد بني مرين. (راجع هنا )
× قبيلة الأحلاف تعود أصولها لعرب المعقل من الصحراء.
٦- الأعشاش : وهي حسب ابن خلدون والاجماع تنحدر من حصن بن علاق ودخلت مع بني هلال زمن الموحدين وتنقسم لعدة بطون نذكر منها اولاد الشيخ، اولاد محمد، اولاد عبد الله وتقع اراضيها شمال شرق اتحادية الشاوية القبلية.
ونشير إلى أن ما يعرف بمزاب هي قبيلة الأعشاش السليمية وهو ما أكده الضعيف الرباطي( 1752-1820م) بقوله : “ وفي 20 صفر أهدت قبيلة مزاب وهم الأعشاش “.
فبعد إبادة السلطان الشريف العلوي بربر مزاب بعد تمردهم في واقعة اوردها الضعيف ضمت قبيلة الأعشاش منطقة مزاب لنفودها. (راجع هنا)
٧- قبيلة أولاد سيدي بنداود : قبيلة عربية سهلية تابعة لاتحادية قبائل الشاوية، وترجع أصولهم إلى جدهم الأعلى سيدي محمد بن داود بن إدريس بن إدريس الأول بن عبد الله.
وحسب ابن خلدون فهم من عرب رياح وجدهم داود بن مرداس بن رياح ؛ قال ابن خلدون : “وبقيت البسائط من المغرب مثل ازغار وتامسنا وتادلا ودكالة اعتمرها الظواعن من العرب الطارئين عليها من جشم ورياح فعض المغرب ساكنة من امم لا يُحصيهم الا خالقهم”. (راجع هنا / كتاب ابن خلدون هنا)
ثانيا : الفروع المجهول أنسابها :
يقول صاحب الإستقصا حول ماطرى في هذه الفئة :
” وَقع فيهم اخْتِلَاط كَبِير حَتَّى نسوا أنسابهم وأصولهم الأولى إِلَّا فِي النَّادِر وَذَلِكَ بِسَبَب تعاقب الْأَعْصَار وتناسخ الأجيال وتوالي المجاعات والانتجاعات ووقعات الْمُلُوك بهم فِي كثير من الأحيان وتفريق بَعضهم من بعض وَنقل بَعضهم إِلَى بِلَاد بعض وَمَعَ ذَلِك فأسماؤهم الأولى لَا زَالَت قَائِمَة فيهم لن تَتَغَيَّر إِلَى الْآن فَمِنْهَا يَهْتَدِي الفطن إِلَى التنقير عَن أنسابهم وإلحاق فروعهم بأصولهم مَتى احْتَاجَ إِلَى ذَلِك “.
وما يمكن إستخلاصه من قول الناصيري السلاوي أعلاه أن هذه الفئة تعرضت لإنصهار وحروب ونكبات أخرى مع الملوك وهذا جعلها تتغاضى عن أنسابها، لكنه يضيف أنها لم تفقد أنسابها كليا بل إن أسمائهم الأولى لازالت قائمة فيهم ومنهم من يهتدي للتنقير عن أنسابه ليلحق بأصوله.
وقد ذكر العلامة المختار السوسي (1900-1963م)، أن السلطان أحمد الأعرج السعدي نقل جموع كبيرة من القبائل العربية بالسوس نحو منطقة الغرب لتستوطنه أيضا، ولتلتحق بأصولها هناك حيث جاء في المعسول :
وإلى جانب الهجرة السلطانية فإن القبائل العربية إستمرت في النزوح والهجرة من الصحراء نحو الغرب، وهذا ما أكده جيمس ج جاكسون في مرجعه السابق حيث أورد في مؤلفه أن العرب في زمانه (القرن الثامن عشر) كانوا ينزحون من الصحراء عودة لبلادهم بالغرب كلما أدت المجاعات والحروب لإجلاء السكان المحليين حتى أصبح الجهات الغربية مستوطنات عربية صرفة، فيصرح :
.
” العرب…، حيث يهاجرون إلى سهول المغرب، كلما أدى الطاعون أو المجاعة أو أي كارثة أخرى إلى إخلاء البلاد من سكانها للسماح بدخول مستعمرة جديدة، دون الإضرار بأراضي السكان السابقين ” . (راجع هنا)
ونشير أخيرا إلى أن هذه الحقيقة نفسها أصدرتها مجلة THEECLECTIC REVIEW، المنشورة سنة 1809م، والتي ساهم في تحريرها مجموعة من العلماء الكبار آنذاك. (راجع هنا)
وبالتالي فمن خلال كل ما أسلفناه يمكن القول أن قبائل الشاوية عربية في مجملها، وإن إنضافت قبائل بربرية لها فإنها تعرضت للتهجير إما لدوافع سياسية، أو إجتماعية، أو بسبب الحروب مع القبائل العربية المجاورة التي قوية شوكتها في عهد السعديين والعلويين بعدما أصبح جيش البلاد مكون من العرب في معظمه، ونزوح هذه القبائل تم تعويضه بالقبائل العربية التي تهاجر من الصحراء لتستوطن المنطقة، وإن بقت الأسماء القديمة للقبائل البربرية موجودة فإن سكانها اليوم هم عرب الصحراء جلهم، بحيث أصبحت تلك التسميات جغرافية أكثر ما هي عرقية.
الأصول الجينية لساكنة الشاوية أو عرب تامسنا
تُعتبر الجينات مرآة تعكس التاريخ والثقافة للأمم، ولذا فإن الدراسات الجينية تلعب دورًا حاسمًا في فهم الهوية الشعبية والوطنية. وفي هذا الإطار تأتي دراسة جينية أنثروبولوجية حديثة عن سكان الشاوية ورديغة تادلة بالمغرب تحت عنوان 《Anthropogenetic study of the Arabic – speaking population of Chaouia Ouardigha (Morocco) based on autosomal STRs》، حيث تُظهر نتائجها روابط عميقة تؤكد عروبة المغاربة على المستوى الجيني أيضا وليس فقط اللغوي والثقافي.
تهدف هذه الدراسة إلى توفير بيانات جديدة عن الخلفية الوراثية لسكان الشاوية – ورديغة (تادلة) السكان الناطقين بالعربية في شمال إفريقيا في وسط غرب المغرب وفحص العلاقة الجينية بينهم وبين الشعوب الأخرى ؛ وتم لهذه الغاية تحليل 153 فردًا عشوائيًا سليمًا غير مرتبطين من منطقة الشاوية – ورديغة (تادلة) ؛ جاء في نتائج الدراسة : “توفر دراستنا نظرة ثاقبة حول الروابط الوراثية لسكان الشاوية قريغا، وتسلط الضوء على كيفية مساهمة الأحداث التاريخية والتأثيرات الاجتماعية والثقافية والقرب الجغرافي في تشكيل بنيتهم الجينية. وهو يوضح التأثير الكبير للأحداث التاريخية والتقارب الجغرافي في تعزيز الروابط بين مجتمع الشاوية ورديغة والسكان المجاورين في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا والشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، أنتجت الدراسة بيانات قيمة تؤكد فعالية هذه العلامات الجينية الخمسة عشر لتطبيقات الطب الشرعي على نطاق أوسع من السكان “.
وبعد دراسة التقارب الجيني لسكان الشاوية ورديغة (تادلة) الناطقون بالعربية، تبين أن هناك ترابط جيني قوي لهم مع الشرق الأوسط مما يؤكد التاريخ العربي المدون لهذه المنطقة التي عرفت إستيطان مهم للقبائل العربية تاريخيا بحيث يصرح العلماء في الدراسة : ” لقد لاحظنا من خلال التحليل الوراثي أن السكان الناطقين باللغة العربية في الشاوية ورديغة يختلفون عن سكان جنوب الصحراء الكبرى وشرق آسيا وأمريكا اللاتينية، لكنهم يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “.
وقد فسرت الدراسة هذا الإرتباط الجيني الوثيق للسكان الناطقين بالعربية في جهة الشاوية ورديغة (تادلة) مع الشرق الأوسط، بالوفود العربي وإستيطانه المبكر في المنطقة حسب الدلائل التاريخية إذ جاء في الدراسة : “ويمكن أن يعزى ذلك أيضا إلى أن العرب المؤسسين لسكان الشاوية ورديغة كانوا مسلمين هاجروا من الشرق الأوسط إلى منطقة شمال أفريقيا (المغرب) واستقروا في المنطقة في نهاية القرن الثاني عشر مع وصول القبائل العربية “بني هلال” و”بني سليم “.
وعليه فالدراسة بخلاصة أكدت أن الناطقون بالعربية أو الداريجة في جهة الشاوية ورديغة (تادلة) هم عرب جينيا وليس فقط لغويا وثقافيا. وبذالك تكون قد أكدت ما تناولته المصادر التاريخية المبكرة عن إستيطان العرب في هذه المنطقة لعل أهمها كتاب التاريخ لابن خلدون (١) والإستقصا للناصيري (٢) وروض القرطاس لابن ابي زرع (٣) .
راجع كامل الدراسة وترجمة نتائجها من هنا .
__________