ولد في اشبيلية في تاريخ غير مؤكد، وتوفي بها في آخر سنة 557 هـ (1162م) ودفن مع والده خارج باب الفتح. تعلم الطب على والده، وزاول المهنة وهو ابن ست عشرة سنة، ويبدو أنه كان أول طبيب «مختص»، فلم يكن “مشاركا”، مثل أفراد أسرته وسائر زملائه الأطباء. يقول عنه فيديل فرنانديث (2) :
“كان أول طبيب محض Puro تسجله العصور، لأنه انشغل فقط بالطب، متخليا بذلك عن صفة “الموسوعي”، التي كان يتحلى بها حكماء عصره : ولأنه رأى واجبا عليه أن يؤسس الفرق – الذي بقي منذئذ حتى اليوم – بين الطبيب، والجراح، والصيدلي أو عالم النبات”، وقال في موضع آخر (3):
«وظيفته كمدير للمستشفى، وضعت تحت تصرفه جثثا للتشريح. إن قراءة كتبه تسمح لنا بالتأكد من أنه مارس تشريح الحيوانات الحية، وجثث الموتى الآدميين على الرغم من أحكام الدين والجنس. كان أبو مروان ابن زهر أعظم جراح كلينيكي في عصره لدرجة أنه تمكن من إبراز الفروق بين الالتهابات الحادة أو المزمنة لغشاء القلب، وبين العلل أو الأدواء التي تعتري تجاويف القلب، فى استطاع التمييز أيضا بين القرحة وبين سرطان المعدة، وبين حمى المستنقعات (الملاريا) وبين سائر أنواع الحميات”.
«كان مخترع القسطرة المريئية لتغذية المريض عند ضيق المرىء، واخترع الحقن الشرجية المغذية، وأسهم بنصيب من الأعمال والأفكار والاكتشافات رفع مقامه إلى الصف الأول بين شخصيات مجلس الأطباء Protomedicato كان ينعقد لاختبار المرشحين لمزاولة الطب بالأندلس”.
لقد حظي طبيبنا هذا بتقدير الدولتين المرابطية والموحدية : فقد ألف للأمير المرابطي إبراهيم ابن يوسف بن تاشفين كتابه المخطوط العجيب : (الاقتصاد في صلاح الأجساد) الذي يتألف من 140 ورقة، والذي توجد منه نسخة خطية في مكتبة باريس… وقد خدم الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي، ونال الحظوة لديه، وألف كتاب الأغذية، وكتاب “الترياق السبعيني” واختصره – كما يقول ابن أبي أصيبعة – عشاريا، واختصره سباعيا… ومن كتبه الهامة : كتاب “التيسير في المداواة والتدبير” الذي أهداه إلى ابنه الروحي وتلميذه أبي الوليد ابن رشد، وقد تمت ترجمة هذا الكتاب إلى اللاتينية سنة 1280 م، وفيه تتجلى شخصية أبي مروان عبد الملك بن أبي العلا زهر بشكل واضح… ومن كتبه أيضا كتاب «الزينة» ألفه لولده أبي بكر وهو يعالج أمر الدواء المسهل، وكيفية أخذه، كما ألف له كتاب “التذكرة”. وله أيضا مقالة في “علل الكلى”، ورسالة في علتي “البرص والبهاق”.