مقالات متنوعة

أين ذهب الرمادي!

أين ذهب الرمادي!

استيقظت البشرية ذات صباحٍ وقد نُزع من صدورها شيءٌ لم ندركه حينها، بحثنا جميعًا عن المفقود واتهمنا بعضنا بعضًا بسرقة شيءٍ لم نحدد ماهيته.

حينها قام رجلٌ فقال: هلمّ إليَّ أيها الناس، من لا يعرف من الدنيا معنى سوى الخير فأهلًا به معنا وحربًا به على غيرنا، ومن رأى في نفسه ذرة شرٍ فلا مرحبا به بيننا، هنا مجتمع الأصفياء الأنقياء، هنا الخير ينبت في القلوب ويتجدد، اسمعوا مني ولا تلفتوا لدعِيٍ عاصٍ مكانه في النار قاصٍ.

فجأة صرخ أحد من كنا نعُدّه من أهل الحكمة صرخة من فقد وليده وقال: يا رباه، لقد فقدنا فطرة البشرية!

صنع هذا الرجل وأتباعه مذهبًا وسُميّ بمذهب الأنقياء ورُمز له بيمزان ذي كفةٍ واحدة راجحةٍ على الدوام، وشعاره “أنقياء نقيّم سائر الأحياء”.

أتساءل كيف لإنسانٍ فيه ما في سائر البشر من هوى وشيطان يجري في دمه أن يرى في ذاته الخير المطلق، وأنا يرى غيره خبيثًا لا يعرف للخير معنى!

فتش في نفسك قد تكون منهم أو انظر حولك فبالتأكيد هناك أمامك من يرى الجميع هالك وهو رمز النجاة الوحيد.

إقرأ أيضا:مشروعية المحاماة في الفقه الإسلامي

أين الوسط يا أمةً وسطا؟
فلعمري إنّ ما نحن فيه لمصداقًا لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : “لو لم تكونوا تُذْنِبونَ ، لخِفْتُ عليكم ما هو أكبرُ من ذلِكَ ؛ العُجْبُ العُجْبُ”

فهذا دليلٌ قاطعٌ بأنّ تلبس بعض الناس للحالة الملائكية تلبسٌ مزعوم، وسبيلٌ للعُجْبِ والكبر، وهما أكبر من الشرور التي يزعم أتباع مذهب الرجل محاربتها.

إقرأ أيضا:الأسماء العربية الأصيلة لأوقات الساعات الأربع والعشرين

وأنا والله لا أقول هذا تسويغًا للمعاصي، بل هذا حال البشر يعصي ويتوب يذنب ويستغفر، وهو على هذا الحال حتى يلقى ربه، فلمجاهدةِ الذنوب أجرٌ ولذتان، أجرٌ من الله على إنابتك، واللذتان: لذةٌ تجدها في قلبك تشعرك بأنك ما زلت قادرًا على نفسك، ولذةُ القرب من الله وكفى بها نعمة.

وفي حالة أدعياء العصمة يقول أحد الشعراء:

وإنّي لأغنى الناس عن متكلفٍ
يرى الناس ضُلّالًا وليس بمهتدِ

السابق
الدارجة المغربية : الوش
التالي
آق شمس الدين (أول من وصف الميكروب والسرطان)

4 تعليقات

أضف تعليقا

  1. محمود قال:

    ما شاء الله اسلوب راقي ممتع ❤️

  2. احمد قال:

    جميل ☺️

اترك تعليقاً