هذا تقرير مختصر حول الورقة البحثية المنشورة تحت عنوان:
“The Debate on Language Policy and Planning in Morocco: Examining Attitudes Toward Foreign Language-Based Instruction of Science”
في “العربية Al-ʿArabiyya” (مجلة رابطة أساتذة اللغة العربية)
1. مقدمة
تتناول هذه الورقة البحثية قضية حساسة ومثيرة للجدل تتعلق بسياسات اللغة والتخطيط اللغوي في المغرب، مع التركيز على المواقف تجاه تدريس العلوم باللغات الأجنبية. قام الباحثان آدم زياد وإبراهيم شكراني بدراسة تأثير سياسة إدخال الفرنسية كلغة تدريس أساسية للمواد العلمية في النظام التعليمي المغربي، مسلطين الضوء على ردود الفعل الشعبية وتأثير هذه السياسة على الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين.
2. الخلفية التاريخية والتطورات القانونية
قبل الاستعمار الفرنسي والإسباني، كان المغرب يعتمد بشكل رئيسي على اللغة العربية في جميع مراحل التعليم، حيث كانت جامعة القرويين رائدة في تدريس العلوم والمعارف باللغة العربية. ومع دخول الاستعمار، فُرضت الفرنسية كلغة رئيسية للتعليم، مما أدى إلى انقسام واضح في النظام التعليمي بين المدارس التي تتبع نظامًا فرنسيًا وتلك التي تعتمد على العربية.
بعد الاستقلال، تبنت المغرب سياسة التعريب التدريجي، لكن ذلك لم يشمل التعليم العالي أو المواد العلمية والتقنية، حيث بقيت الفرنسية هي اللغة الطاغية. في السنوات الأخيرة، وُضع قانون الإطار 51.17 الذي يعزز تدريس العلوم بالفرنسية، مما أثار موجة من الجدل بين المؤيدين والمعارضين.
إقرأ أيضا:لا للفرنسة: بث مباشر حول واقع التعليم في المغرب3. أهداف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى:
- تحليل مواقف مختلف الفاعلين في المجال التعليمي تجاه سياسة “فرنسة” التعليم.
- دراسة تأثير اللغة المستخدمة في التدريس على الأداء الأكاديمي للطلاب.
- تقييم الأثر الاجتماعي والثقافي والسياسي لهذه السياسة.
4. منهجية البحث اعتمدت الدراسة على تحليل التعليقات المنشورة في عريضة إلكترونية على منصة Change.org والتي حملت عنوان “نعم للعدالة اللغوية ولا للفرنسة”، حيث تم جمع وتحليل 745 تعليقًا من الموقع. تم تصنيف التعليقات وفقًا لعدة محاور، بما في ذلك الهوية الثقافية، الأداء الأكاديمي، والعدالة الاجتماعية.
5. النتائج الرئيسية
- الهوية الثقافية: أظهرت الدراسة أن رفض التدريس بالفرنسية ينبع أساسًا من ارتباط اللغة العربية بالهوية الوطنية والدينية للمغاربة. ينظر كثيرون إلى فرض الفرنسية باعتباره امتدادًا للاستعمار الثقافي وتهديدًا للسيادة اللغوية.
- الأداء الأكاديمي: أشار العديد من المعلقين، خاصةً المعلمين، إلى أن الطلاب الذين تلقوا تعليمهم باللغة العربية يجدون صعوبة كبيرة في متابعة الدروس العلمية بالفرنسية، مما أدى إلى تراجع مستويات التحصيل الدراسي وزيادة نسب الفشل والتسرب المدرسي.
- العدالة الاجتماعية: اعتُبرت هذه السياسة سببًا في تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، حيث يتمكن الطلاب المنتمون للطبقات الغنية من الالتحاق بمدارس خاصة توفر تعليمًا قويًا بالفرنسية، بينما يعاني أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة من ضعف تكوينهم اللغوي في الفرنسية.
- الدور السياسي والاستراتيجي: هناك شعور عام بأن هذا القرار يخدم مصالح النخبة الفرنكوفونية ولا يأخذ بعين الاعتبار آراء المواطنين العاديين. كما يُنظر إلى تفضيل الفرنسية كلغة تدريس على أنه خطوة تعزز النفوذ الفرنسي في البلاد.
6. المقترحات والتوصيات
إقرأ أيضا:الأخطاء المرتکبة في مقررات اللغة العربیة- إعادة النظر في قانون الإطار 51.17 وإجراء استفتاء شعبي حول لغة التدريس.
- تعزيز تدريس العلوم باللغة العربية، والاستفادة من تجارب دول أخرى نجحت في تطوير منظومتها العلمية بلغتها الأم مثل الصين واليابان.
- تحسين جودة تعليم اللغات الأجنبية، بحيث يكون لدى الطلاب القدرة على التعامل مع العلوم بلغات مختلفة دون فرض لغة معينة على حساب لغتهم الأم.
- اعتماد مقاربة متعددة اللغات تأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي واللغوي للمغرب، وتشجع استخدام الإنجليزية كلغة علمية عالمية بدل الاعتماد المطلق على الفرنسية.
7. الخاتمة
إقرأ أيضا:لا للفرنسة: الموضوع الأول الذي يجب أن يخوض فيه المغاربة هو وقف التوغل الفرنسي في المنطقةخلصت الدراسة إلى أن قرار تدريس العلوم بالفرنسية في المغرب لا يحظى بتأييد واسع، خاصة بين أولياء الأمور والمعلمين، الذين يرون فيه تهديدًا للهوية الوطنية، وسببًا في تراجع المستوى الأكاديمي، وعائقًا أمام تحقيق العدالة الاجتماعية. ومن هنا، فإن النقاش حول سياسة اللغة في المغرب يجب أن يكون مفتوحًا ومتعدد الأبعاد، يأخذ في الحسبان مصلحة الطلاب والمجتمع ككل، وليس فقط التوجهات السياسية أو الإملاءات الخارجية.
رابط الدراسة: https://muse.jhu.edu/article/950185