مفهوم الإشهار لغة واصطلاحاً

ملخص:

الإشهار، له معنى لغوي واصطلاحي مختلف. لغةً، يُعرّف الإشهار بأنه إظهار شيء ما أو أمر ما، وإعلانه ليصير معروفًا. هذا يعني أن الإشهار يتضمن إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، كما ذكر بعض الأصوليين. اصطلاحًا، يُعرّف الإشهار بعدّة تعريفات، منها أنه وسيلة لإقناع الجمهور بشراء سلعة ما أو الانتفاع بخدمة معينة. كما يُعرّف أيضًا بأنه عملية اتصال غير مباشرة بين ثلاثة أطراف: المُنتِج، وجهة الإعلان أو الوسيط الإعلاني، والمستهلك. هذه العملية تتطلب دفع مبلغ مادي من المُنتِج أو التاجر إلى الجهة القائمة على الإعلان. بشكل عام، يُعتبر الإشهار وسيلة لا غنى عنها في مجال التجارة والاقتصاد، حيث يعتبر الشريك الإعلاني الدائم لكل الأنشطة والتحركات التجارية. الفرق بين الإشهار والدعاية يكمن في عدة نقاط، منها أن الدعاية ترتبط بأهداف سياسية ودينية غالبًا، بينما الإشهار له هدف اقتصادي بحت. بالإضافة إلى ذلك، تُوجه الدعاية إلى عموم فئات المجتمع، بينما يخاطب الإشهار جمهوراً معيّناً.

إقرأ أيضا:كتاب خصائص واستخدامات الأسلاك

 

تأصيل:

أولاً: المعنى اللغوي للإشهار

في اللغة العربية، “الإشهار” مأخوذ من الفعل شَهَرَ، ويُقال: “شهر السيف” أي أبرزه وأظهره، ومنه قوله تعالى: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ…”.
إذًا، فالإشهار لغويًا يُفيد الإعلان، الإظهار، الإبراز، والجهر بالشيء بعد أن كان خفيًا أو غير معلوم. وقد استخدم الأصوليون هذا المفهوم في بابيْ البيّنات والمعاملات للدلالة على إخراج الشيء من حيز الغموض إلى حيز البيان والتجلي.

ثانيًا: المفهوم الاصطلاحي للإشهار

في الاصطلاح الحديث، وخصوصًا في علوم الاتصال، التسويق، والإعلام، يُعرف الإشهار بأنه:

“عملية تواصلية موجَّهة، تهدف إلى التأثير في سلوك جمهور معين، عبر تقديم رسالة ترويجية مقنِعة، غالبًا ما تكون مدفوعة الأجر، بواسطة وسائط إعلامية مختلفة.“

وتتضمن هذه العملية عدّة عناصر أساسية:

العنصر	الدور
المرسل (المنتِج أو التاجر)	صاحب السلعة أو الخدمة
الوسيط الإعلاني	الجهة أو المنصة التي تنشر الإعلان
المستقبِل (المستهلك أو الجمهور)	الجهة المستهدفة بالتأثير أو الإقناع

ويُضاف إلى ذلك عنصر الرسالة (الإشهارية)، التي تتضمّن مضمونًا مختارًا بعناية لخدمة أهداف تسويقية أو تجارية محددة.

إقرأ أيضا:خْزِيت (شعر بالعار والمهانة والذل)

ثالثًا: أهمية الإشهار في الاقتصاد الحديث

يُعدّ الإشهار من ركائز الاقتصاد المعاصر، وهو جزء لا يتجزأ من دورة الإنتاج والاستهلاك، إذ يُسهم في:

• خلق الحاجة أو تحفيز الطلب على منتج أو خدمة.

• تثبيت هوية العلامات التجارية في أذهان المستهلكين.

• التفريق بين المنتجات المتنافسة في السوق.

• رفع نسب المبيعات وتعزيز الأرباح.

فالإشهار لا يُعدّ ترفًا تجاريًا، بل استراتيجية ضرورية لاستمرار التنافسية والبقاء في سوقٍ مزدحم ومتقلّب.

رابعًا: الفرق بين الإشهار والدعاية

رغم تقاطعهما في بعض الوسائل والأساليب، إلا أن بينهما فروقًا جوهرية من حيث الغاية والمجال:

المقارنة	الإشهار	الدعاية
الهدف	اقتصادي وتسويقي	سياسي، ديني، أو أيديولوجي
التمويل	مدفوع من قِبل المُنتِج	قد يكون ذاتي التمويل أو موجّه من مؤسسات كبرى
الجمهور المستهدف	شريحة استهلاكية محددة	غالبًا موجه إلى فئات واسعة من المجتمع
الرسالة	مركّزة ومختصرة لترويج منتج	قد تكون مطوّلة وتحمل شحنة عاطفية أو فكرية

خامسًا: أشكال الإشهار ووسائله

يأخذ الإشهار أشكالًا متعددة حسب الوسيط المستعمل:

إقرأ أيضا:أين ذهب الرمادي!

• إشهار سمعي–بصري: في التلفاز، السينما، الإنترنت.

• إشهار مكتوب: في الصحف والمجلات والمطبوعات.

• إشهار رقمي: من خلال المنصات الرقمية (مثل غوغل وفيسبوك).

• إشهار بيئي (محيطي): كاللوحات الإعلانية في الطرقات والمواصلات.

كل نوع منها له خصائص فنية واستراتيجية تختلف بحسب الفئة المستهدفة وطبيعة المنتج.

سادسًا: البعد القيمي والاجتماعي للإشهار

رغم وظيفته التجارية، إلا أن للإشهار أثرًا ثقافيًا واجتماعيًا عميقًا، إذ يسهم في تشكيل أنماط الاستهلاك، وتحديد الصور النمطية، بل وحتى في التأثير على القيم المجتمعية من خلال المضامين التي ينقلها.

لهذا، ظهرت مطالبات متزايدة بضرورة ترشيد الإشهار ومراعاة القيم الأخلاقية والدينية، لا سيما في المجتمعات الإسلامية.

خاتمة

الإشهار مفهوم متعدد الأبعاد، يمتد من الدلالة اللغوية البسيطة “الإظهار”، إلى شبكة من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العصر الحديث. وهو من أقوى أدوات التأثير في سلوك الأفراد والمجتمعات، لذا فإن الإلمام بمفهومه ومكوناته وتفريقه عن الدعاية، ضرورة لكل باحث أو مهتم بعالم التسويق والاتصال.