مقايضة الشفافية السياسية مقابل العدالة التاريخية

في النقاش حول سبب رفض بعض الدول الديمقراطية لفتح ملفاتها المتعلقة بجرائمها التاريخية، يتجلى صراع بين الشفافية السياسية والعدالة التاريخية. من جهة، يرى عبد الناصر البصري أن هذا الرفض يشكل تناقضًا مع جوهر الديمقراطية الذي يقوم على الشفافية والتواصل المفتوح. في المقابل، يطرح بلغيتي بن وازن وجهة النظر التي ترى أن عدم الكشف عن هذه الملفات يعزز الاستقرار السياسي الداخلي والخارجي، مشيرًا إلى أن هذه الوثائق قد تحتوي على معلومات حساسة يمكن أن تقود إلى اضطرابات اجتماعية عميقة إذا تم نشرها. كما يسلط الضوء على الاعتبارات القانونية والأخلاقية المرتبطة بكيفية معالجة قضايا الضحايا وعائلاتهم عند إعادة فتح قضايا تاريخية قديمة. ومع ذلك، يؤكد بلغيتي أيضًا على أهمية الشفافية والحقيقة في أي ديمقراطية صحية، مشددًا على ضرورة توازن حاجتنا للعدالة ضد تحديات التنفيذ العملي لهذه الأمور. من ناحية أخرى، يعترض إكرام بن المامون على الرأي السابق، مؤكدًا أن الديمقراطية الصحية تستوجب الشفافية والمساءلة، وليس التستر على الماضي العسير عبر ستار الصمت. ويؤكد على ضرورة تحقيق العدالة وإعطاء الإنصاف للضحايا وأسرهم بدلاً من الترويج لأهداف سلامة السياسة على حساب حقيقة التاريخ. هذا النقاش يكشف عن صراع بين المصالح الأمنية والاستقرار السياسي وبين حق الشعوب في معرفة حقيقتها التاريخية ومبادئ الحكم

إقرأ أيضا:السّفوف (خلطة الحُلوة من الدقيق المحمص مع الزيت والعسل)
مقالات قد تكون مفيدة من موسوعة دار المترجم:
السابق
وقت العمل وخديعة الاقتصاد
التالي
الحرية في الإسلام مقابل الحرية الحديثة التوازن والضوابط الشرعية

اترك تعليقاً