إن عبارة “المرء مخبوءٌ تحت لسانه” تعكس حقيقة عميقة حول العلاقة الوثيقة بين ما يفكر فيه الشخص وما يعبّر عنه بلاغياً. اللسان ليس مجرد عضو ينتج الصوت، بل هو أداته الرئيسية للتواصل التي تعكس بشكل حقيقي طبائع الفرد وأعمق مشاعره الداخلية. وفقاً لعلم النفس الاجتماعي، اللغة ليست فقط وسيلة لنقل الأفكار والأحاسيس، ولكنها أيضاً وسيلة لتنظيم تلك الأفكار وتشكيل فهمنا للعالم من حولنا. عندما نتحدث، فإننا نستعرض جزءاً كبيراً مما يجول بخاطرك وجوهر شخصيتك، حتى لو حاول البعض إخفاء نواياه الحقيقية خلف ترابيزات لغوية معقدة أو عادية.
في الإسلام تحديداً، كان للغة أهميتها الدينية البالغة، فقد ورد ذكره في عدة آيات قرآنية وكثير من الأحاديث النبوية الشريفة لما لها من تأثير قوي ومباشر على السلوك الإنساني والديني. القرآن الكريم نفسه يُعرف بالقوة التأثيرية العالية لإلقائه ولغته الرائعة التي يمكن اعتبارها دليلاً آخر على هذه القاعدة العامة. كما جاء في الحديث القدسي قال الله تعالى “أنا عند ظن عبدي بي”، فالأفعال والألفاظ مرتبطتان بشكل غير قابل للفصل ارتباطا وثيقا بمكانة المرء أمام خالق السماوات والأرض. وبالتالي، يستطيع المرء معرفة الكثير عن شخصية الآخرين ببساطة عبر متابعة أحاديثهم ومراقبة اختيارهم للكلمات والتعبير عنها بصوت. إن الأمر يشبه فتح باب سري يؤدي إلى قلب الشخص الداخلي وعقله المنطقي الخافي منه الظاهر. لذلك، دعونا نحسن استخدام كلامنا ونكون أكثر حذرًا فيما نقوله لأن العبرة بالمعنى وليس بالحرف.
إقرأ أيضا:القراءة التخصصية لنفع الأمة الإسلامية